أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - تصوّروا عالماً بلا أديان... ريتشارد دوكينز















المزيد.....

تصوّروا عالماً بلا أديان... ريتشارد دوكينز


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 05:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


((تخيّل عالماً بلا أديان)) أغنية غنّاها جون لينون في أحد الأيام.
تخيّلوا عالماً لم تحصل فيه أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ولا أحداث السابع من يوليو، ولا الحملات الصليبية، ولا حملات ملاحقة الساحرات، ولا أزمة كشمير، ولا عملية تقسيم الهند/ باكستان، ولا الحروب الإسرائيلية الفلسطينية، ولا المذابح بين السرب والكروات، ولا المشاكل التي عانت منها إيرلنده الشمالية. تخيّلوا عالماً لا توجد فيه طالبان لتفجّر التماثيل القديمة، وتجلد النساء لأنّهن أظهروا بضع إنشات من أجسادهن، أو تقطع رؤوس الكفّار والمرتدين علناً. تخيّلوا عالماً لم يضطهد فيه اليهود _طبعاً لن يكون هناك اضطهاد لليهود، لأنه لن يكون هناك دين فسيكونون قد تزاوجوا واختلطوا مع سكّان محيطهم.
طبعاً إنّ حالات القتل والاضطهاد التي تحدث في يومنا هذا ليست مدفوعة بالنزعات اللاهوتية. فالجيش الجمهوري الإيرلندي المسلّح لا يقتل البروتستانت (أو العكس) بسبب خلافات بشأن المفاهيم اللاهوتية المجرّدة كالاستحالة الجوهرية مثلاً. فالحافز غالباً ما يتخذ شكل الانتقام أو الثأر القبلي والعشائري. الأمر أنّ "فرداً منهم" قتل "فرداً منّا". إنهم طردوا جدّنا الأكبر من أرضنا. إنّ الشكاوى الاقتصادية والسياسية، وليس الدينية، والثأر تعيش وتبقى لمدّة طويلة جداً.
لكن ومع أنّ الخلافات القبلية ذاتها ليس لها علاقة مع الدين، الحقيقة أنّ هناك قبيلتان لهما صلة ما بالدين. هناك، من دون شك، فوارق قبلية في النشأة الجينية أو اللغوية، لكن في إيرلنده الشمالية ماذا هناك غير الدين؟ ونفس الشيء ينطبق على الهند والباكستان، على كرواتيا الصربية، والكثير من الأقاليم والمناطق في إندونيسيا وإفريقيا. إنّ الدين هو العامل المفرّق الأقوى في العالم الذي يفرّق بين الجماعات من ناحية الهوية والعدوانية. إذا حاول مهندس اجتماعي اليوم أن يبتكر أكثر الأنظمة شراً إدامةً للعداوات، فإنه لن يخرج بتركيبة أفضل من التعليم الطائفي. المدارس الدينية التي تدرّس عن جميع الأديان قد تقدّم بعض الفائدة، لكنّ الفكرة الأساسية من الإيمان هي أنّ أولاد قبيلتنا يجب أن يتعلّموا دينهم الخاص. إلا أنّ أولاد القبيلة الأخرى قد يتعلّمون بشكل آني شيئاً عن الدين المنافس لدينهم، إلا أنّ ذلك يتمّ في أغلب الأوقات كتاريخ للثأر والانشقاقات، وهذا متوقع جداً.
ولكن ما المغرى من التكلّم عن دين طفل ما؟ تخيّلوا عالماً من الطبيعي فيه أن نتكلّم عن طفل كنيسي، أو يسوعي، أو حتى طفل ماركسي. أو تخيّلوا إمكانية الاقتراح لصبّ المال الحكومي على المدارس الابتدائية المستقلّة والمنفصلة لأطفال حزب العمل، أطفال حزب المحافظين... إلى ما هنالك من انقسامات؟ الكل يوافق أنّ الأطفال هم صغار جداً ليدركوا ما إذا هم يسوعيين أو ماركسيين، عمّالاً أو محافظين... إنّهم صغارٌ جداً ليتحمّلوا أعباء مثل هذه التحزّبات. لماذا إذن نجد مجتمعنا سعيداً بالكامل ليضفي صفةً أو انتماءً ما كالكاثوليكي أو البروتستانتي، كالمسلم أو اليهودي على سبيل المثال على طفل صغير؟ أليس ذلك، إذا ما فكّرت فيه بعقلانية، هو نوع من الإساءة العقلية للأطفال؟
في إحدى المرّات أثرت نفس النقاط السابقة خلال حديث مع متحدّثة باسم كنيسة الروم الكاثوليك. لقد نسيت اسمها الآن لكنّها على الأرجح كانت أشبه بالعمّة حلاّلة المشاكل. عندما قلت أنّ الطفل في المرحلة الابتدائية صغيرٌ جداًَ على أن يعرف انتماؤه الديني: أو طفل كاثوليكي أم طفل بروتستانتي، انتصبت وقالت: "فقط تعال وتحدّث مع بعض الأطفال الذين يدرسون في مدرستنا الكاثوليكية المحلّيّة! أؤكّد لك أنّهم يعرفون جيداً بأنهم أطفال كاثوليك". حسناً، نعم أنا أظنّ أنّ هذا صحيح. إنّ التفاخر اليسوعيّ _"أعطني طفلاً في السابعة من عمره، وسأجعل منه رجلاً"_ ليس أقلّ شرّاً لأن يكون مألوفاً (في نسخ مختلفة) حتى يصل حدّ الكليشيات؟
لكن، قد يتساءل البعض منّا، ماذا لو كان الدين حقيقياً؟ (ماذا لو كان ديني مثلاً حقيقياً، والأفضل أن تقول، حيث أنّ المعتقدات والأفكار المتناقضة من غير الممكن أن تكون جميعها حقيقية أو صحيحة) هل يكون التعليم أو التلقين الطائفيين إساءة عقلية للطفل إذا كان سينقذ روحه الفانية؟ بغضّ النظر عن هذا التطاول المتكبّر، أستطيع أن أرى كيف أنك قد تأخذ هذه النظرة إذا آمنت بصدق أنك الله قد منحت المعرفة والحقيقة الكلية. اسمح لي عندئذٍ أن أكون طموحاً إن لم أكن متكبّراً، وأحاول أن أقنعك بأنك لا تملك الحقيقة المطلقة. فثقتك العمياء بالله خطأ فادح!.
لماذا تؤمن بالله؟ ألأنه يتحدّث إليك من داخل رأسك؟ هذه بالتأكيد ليست حجّة مقنعة. كانت جرائم ومذابح يوركشاير قد حدثت عن طريق إلهام من يسوع في رأس الجزّار. إنّ العقل البشري عبارة عن آلة متكاملة لتوليد وخلق الأوهام، والأوهام بدورها لا تشكل أرضية جيّدة لإقامة أسس وقواعد ثابتة لفهم ودراسة العالم الحقيقي. ربما أنت تؤمن بالله لأنّ احتمال الحياة سيكون أصعب من دون الله. وهذه حجّة أضعف من سابقتها. ربّما الحياة صعبة ببساطة. صعبة! جميع الأمور والمشاكل صعبة، ولكن ذلك لا يجعل منها غير حقيقية. قد يكون الشعور بالجوع صعباً، لكنك لن تجعل الحجر صالحاً للأكل عن طريق الإيمان _مهما كانت إيمانك صادقاً وخاشعاً_ أو أن تجعله يتحوّل إلى قطعة من الجبن.
حتى الآن إنّ السبب المفضّل للإيمان بالله هو الحجة من اللاحتمالية Improbability. العيون والهياكل العظمية، القلب والخلايا العصبية من غير المحتمل أن تكون قد جاءت من خلال المصادفة. الآلات التي صنعها الإنسان من غير المحتمل أن تكون قد جاءت من تلقاء نفسها، فقد جرى تصميمها على يد المهندسين لأداء مهام معيّنة. طبعاً يمكن لأي أحمق أن يلاحظ أنّ الكلى والأجنحة، الآذان والكريات الدموية أيضاً يجب أن يكون هناك مهندس قد صمّمها من اجل أداء مهام محدّدة، مهندس ذكي جداً!. حسناً، ربّما لن يخفى ذلك عن أي أحمق، لكن دعونا الآن نتوقّف عن أداء دور الأحمق، وننضج. لقد مضى 146 عاماً منذ أن قدّم لنا تشارلز داروين ما يعتبر أنه أذكى فكرة خطرت على بال إنسان. لقد قدّم فكرة عن عملية تجري حيث تكون فيها قوى الطبيعة، ومن دون أي تصميم مسبق، ومن خلال خطوات وقفزات بطيئة وتدريجية أن تخلق وهماً رائعاً للتصميم، إلى مستوى لا نهائي من للتعقيد والتركيب.
لقد ألّفت كتباً عديدة حول هذا الموضوع، ومن الواضح أني لا أستطيع إعادة وتكرار الحجّة بكاملها ثمّ اختزالها ضمن مقالة واحدة. أولاً، إنّ المغالطة المشتركة بشأن الانتقاء الطبيعي هي أنه مجرّد نظرية عن المصادفة. فإذا كان الانتقاء الطبيعي فعلاً مجرّد عملية تحدث بالصدفة العمياء، من الواضح تماماً أنّه لا يمكن أن يفسّر سبب هذا الوهم بوجود تصميم. لكنّ الانتقاء الطبيعي، يمكن فهمه بشكل مناسب أكثر، بأنه نقيض المصادفة. ثانياً، يقال غالباً أنّ الانتقاء الطبيعي يجعل الله يبدو غير ضرورياً، لكنّه يجعل إمكانية وجوده مفتوحة بشكلٍ كامل. أعتقد أننا يمكن أن نمضي أكثر من ذلك. إنّ الحجّة من اللاحتمالية، التي توظّف عادةً لصالح فكرة الله، تبيّن أنها، عندها تفكّر فيها جيداً، هي الحجّة الأقوى ضدّه.
إنّ جمال نظرية التطوّر الداروينية هي أنها تستطيع تفسير اللامحتمل، من خلال التدرّج المتسلسل. إنها تبدأ من البسيط البدائي (والسهل على الفهم نسبياً) ثمّ تنتهي بعد خطوات صغيرة ومعقولة إلى كينونة معقّدة ومركّبة ستكون، بعد عملية غير تدريجية، غير محتملة للتفكير الجدي. التصميم هو بديل حقيقي، لكن فقط إذا كان المصمّم نفسه هو نتيجة عملية تصاعدية ارتقائية كما هو الحال في نظرية التطوّر عن طريق الانتقاء الطبيعي، سواءً على هذا الكوكب أو كوكب آخر. قد تكون هناك أشكال غريبة من الحياة متقدّمة جداً بحيث أننا سنعبدها كآلهة. لكنّ تلك الكائنات الغريبة يجب أن تكون قد جاءت عن طريق التصاعد والاتقاء التدريجيين. الآلهة التي توجد منذ البداية تستثنى من الحجّة اللاحتمالية.
إنّ الإيمان الديني ليس فقط عاملاً رئيسياً للشرّ في العالم. بل إنّ أساساته هشّة وتمّ تقويضها وهدمها بالمنطق والتفكير العلميين. تخيّلوا عالماً حيث لا أحد فيه يخاف من اتباع مثل هذه الأفكار مهما كانت نتيجتها.

ترجمة إبراهيم جركس
10/4/2010
عن موقع ريتشادر دوكينز
www.RichardDawkins.net



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الله؟... Ali Sina
- الأسباب الجيدة والسيئة للإيمان... ريتشارد دوكينز
- ما الفائدة من الدين؟... ريتشارد دوكينز
- أكذوبة الإصلاح الإسلامي... Ali Sina
- جدال حول القرآن... حوار مع كريستوف لوكسنبرغ
- فلسفة الإلحاد... إيما غولدمان
- هل الإسلام دين أم طائفة؟
- هل تحسّن وضع المرأة في الإسلام؟؟... Ali Sina
- تصوّري!!... Ali Sina
- هل جاء محمد بأية معجزة؟
- مرور الكرام: ردود على قرّاء مقالة -حدث ذات مرة في مكة-
- حكى يوسف البدري... وانشرح صدري
- حدث ذات مرّة في مكّة
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة العاشرة)
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة التاسعة)
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة الثامنة)
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة السابعة)
- مع ألبير كامو ضدّ المقصلة 2
- مع ألبير كامو ضدّ المقصلة 1
- الفلسفة لجميع الناس... (الحلقة السادسة)


المزيد.....




- هيئات فلسطينية تعلن استشهاد رئيس قسم العظام بمستشفى الشفاء ف ...
- الجهاد الاسلامي وحماس تدينان قتل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ...
- ماذا نعرف عن -المقاومة الإسلامية في البحرين- التي أعلنت مسؤو ...
- مالي تعلن مقتل قيادي بارز في تنظيم الدولة الإسلامية
- لأول مرة.. -المقاومة الإسلامية في البحرين- تعلن ضرب هدف داخل ...
- إسرائيل تمدد المهلة الحكومية لخطة تجنيد اليهود المتزمتين
- عدد يهود العالم أقل مما كان عليه عشية الحرب العالمية الثانية ...
- كاتب يهودي يسخر من تصوير ترامب ولايته الرئاسية المقبلة بأنها ...
- المقاومة الإسلامية: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات وهدفا حيويا ...
- “ثبتها فورًا للعيال” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد لمتابعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم جركس - تصوّروا عالماً بلا أديان... ريتشارد دوكينز